كل منهم يصدر كلمة في اتجاه و حُكماً في اتجاهٍ آخر ,
هذا يُصر على كلامه و تلك تستفزها رؤيته ! أطلق قراراً أراه متهاوناً بعض الشئ..
وأطلقت هي قراراًأراه حاداً قليلاً !..أصبح حديثهم كحديث دجاج سطح المنزل !
وفجأه..صمتوا جميعاً..لمَ لا تتحدثين إذن ؟؟
ممممم ربما أستمع , و ربما أشاهد ! فمع احترامي للجميع إلا أن المشهد مثيرٌ للضحك فقد كنت أكتم ضحكاتي خوفاً أن تغضبوا..
إذاً لمَ لا تبدين رأياً ؟
وددتُ حقيقةً إلا أنني انتظرت لحين انتهائكم ^_^
و ها قد انتهينا يُمكنكي البدء..
حسناً.. يمكنكم الاستماع..
سمعته يقول أثناء حواركم..بأنه عندما تتخذ قراراً يجب أن تتخذه بكامل العقل
و أنه "الرجل" أكثرعقلانية من المرأة و حكمه..
لأنها " المرأة " تحكم بعاطفتها فقرارها سيصبح خاطئ..
حسناً..مبدأياً حديثي لن يكون مقارنة بين الرجل و المرأة فلا أحب ذلك فدعنا منه !
و لكني أحب تناول الأمر بينهما من زاوية أخرى..
يا سيدي الفاضل..دعنا نتفق أولاً على أن كل من الرجل و المرأة هو إنسان بالأساس
ولا أحب " التخطي بالأحكام " بمعنى .. أنه عندما أحكم بينهما من حقهما عليَّ أن أضع في حسباني أولاً كينونة كل منها كإنسان ,
ففي لائحتي لهما قلب و عقل ثم نوع ..
ما أود قوله أنه يمكننا أن نعامل الآخر كإنسان أولاً ثم باعتبار نوعه ثانياً و ليس العكس..
ربما يسبب الأمر اضطراباً للبعض لا أعلم لمَ..أو ربما أعلم !
أيضاً..دعنا نتفق على أمر أخر..
و هو أن العلاقة بين الرجل و المرأة هي علاقة تكاملية بالأساس وليست صراعيه !
إذ يقول تعالى : " بعضكم من بعض .. " ..
حسناً..
الآن تقول بأن قرارك يجب أن يكون عاقلاً 100% لذلك يجب أن تُجرده من أي مشاعر و أية عاطفة..
عفواً.. فقد خذلك سهمك في تلك المرة يا سيدي ولم يُصب !
في نظري.. قرار عاقل دون وضع العاطفة و المشاعر في الحسبان ربما يصبح قراراً ظالماً..
و بالمقابل أيضاً قرار عاطفي مجرد من العقل هو قرار مُستهتر ربما يأتي على حساب البعض.. !
مبدأياً دعنا نتفق أنك تتعامل مع كائن بشريّ ذو تكوين وجداني , عاطفي , روحي ,…,…
فالإنسان بالأساس هو مجموعة من المشاعر و الأحاسيس و العواطف الموجهه … يسلك الطريق الصائب حباً لربه , عاطفه , يفعل الأمور الصالحه ابتغاء الجنه و يبتعد عن الأمور السيئة خوفاً من النار , هي أيضاً عاطفه , يتخذ قراراً بدراسة فرعاً معيناً , أو العمل بمجال معين..حباً في ذلك أو لأنه يرى نفسه أفضل هنا , عاطفه , يتخذ قرارً بالزواج ..سكن..إيجاد رفيق..بناء أسرة…, عاطفه , و ربما قراراً أخر بالطلاق ! , أيضاً عاطفه , يتقدم للخدمه لوطنه..شعور منه بالواجب ,عاطفه , ..إلخ
مجموعه من العواطف أياً كانت سلبية أو إيجابيه , صحيحه أم خاطئة هي التي تجعله ينعطف يميناً أو يساراً ..
تلك المشاعر التي ربما يستهزأ بها يمكنها أن تقلب كيان يومه إن لم يوجهها بعقله..
فمثلاً إن استيقظ من نومه مكتئباً و لم يُحول مسار شعوره سيقضي باقي يومه مشمئزاً, و إن استيقظ من نومه مبتسماً سيقضي باقي يومه في حالة ابتهاج هذا إن لم يتسلل إليه مؤثر شعوري آخر يغير من حالته..
وهكذا..
حسناً فلنعد لقرار العقل..
تقول بأنه لن يكون ظالماً إن جردناه بل سيكون حاسماً و إن لم تفعلي فلن تكوني حاسمه في أمورك..
أرد بأنه بالطبع لا , فمن قال أن الحسم يأتي فقط عند التجريد من العاطفه سيكون حينها جموداً تظلم به أحدهم..
أخبرك أنه حتى إن كان قراراً سياسياً أو يفصل في أمر دولتين أو يتخذه مسئولاً كبيراً كأحدهم.. من دون أن تدري ستجد بأنه تجرفك مشاعرك , لذلك أقول لك ضعها بحسبانك حتى لا تجرفك..
قل لي كيف لقرار فاصل في قضية شعب مُحتل مثلاً أن نجرده من مشاعر قوم سُلبت حقوقهم و ألاف ممن فقدوا عائلاتهم و ألاف ممن هم خلف القضبان و و و و..
و تُـصر و تخبرني بأن قراراً تأخذه في حرب و في أرض معركه عليك أن تجرده ..حسناً كما تريد , جرده..
وستجد أنك اتخذته بناءً على إحساسك بالمسئوليه..و شعورك بالواجب و حبك لأرضك و و ..
أخبرني إذاً يا سيدي على أي صورة رُسمت ستضع قرارك ليكون بروازاً لها..؟؟
و لست أنا من تثبت كلامي , بل هو أنت !
حسناً , دعك من ذلك و لنعد لصديقنا الإنسان..
إن سألتك - لتوفيه حقه عقلاً و قلباً - اختر صفة تتعامل معه بها ؟
يعجزني حكمته و عقله استحق أن يكون نبياً حقاً..فمابين احترام و رحمه تعامل هو..
احترام لتلك الكينونة البشرية و قُدسيتها و رحمة لتكوينها البشري ..
سأذكرك بموقف و أعلم أنك تعلمه جيداً و أعجب له ولكن لا عجب عندما يصدر منه صلى الله عليه و سلم ..
حينما جاءته المرأة الغامدية و أخبرته أنها أصابت حداً من الزنا و طلبت منه أن يقيمه عليها وهو أن يرجمها حتى الموت..انصرف عنها بوجهه يمنةً فعادت إليه فالتفت يسرة فعادت إليه حتى الرابعه فأخبرها أن اذهبي حتى تضعي ذلك الذي في بطنك و جاءته بعد أن وضعته فأخبرها أن تذهب حتى ترضعه حولين كاملين و لما أتمت فصاله جاءته فأمر بإقامة الحد عليها بعد أن أمر واحداً من الصحابة بكفالة طفلها…
الشاهد فيما استعرضت حكمته التي لم يجردها من العاطفه و في نفس الوقت لم يحكم بعاطفته فقط دون عقله !
فلم يغمض عينه عمن يتعامل معه هو يتعامل مع روح بشريه بالأصل..
يمكنني أن أخبرك أنه إن كانت أتتك تلك المرأة لأمرت برجمها حتى الموت ... وما اكترثت !
حسناً فلنعد..
تظن أنت لأنها الأنثى فإن قراراها سيصبح عاطفياً , وسأخبرك و أنا الأنثى بأن قرارها حينها أصبح خاطئاً..
و تظن أنك لأنك الرجل سيصبح قرارك عاقلاً , وسأخبرك أيضاً و أنا الأنثى بأن قرارك حينها أصبح أيضاً خاطئاً..
فقط أخبرك بأنه من بين العقل و القلب يمكنك أن تُوجد جسراً للعبور..
فيا سيدي , من بينهما..تنبع الموازنة.
___
منشور هنا بتاريخ 29 \ 10 \ 2009