بدايةً .. دعوني أخبركم ماذا تعني عشرون عاماً عندي ..
عشرون عاماً .. هي حد فارق بين نهضة أمة .. و سقوط حضارة ..
عشرون عاماً أقام فيها رسول الله (ص) دولة الإسلام
عشرون عاماً .. كانت الأندلس في أقصى عزها و سقطت بانتهائها حين سقط شبابها ..
عشرون عاماً أُقيمت خلالها فكرة انتشرت بعملها لأكثر من 70 دولة ..
..
هذا باختصار شديد .. و إن اتسعت لأقلبنها حُزن .. و تلك المرة لا أريد
أتذكر أنه ببعض أعوامي الماضي .. كنت أحزن كثيراً في مثل هذا اليوم و أحياناً ما أبكي ..
لأجد أمي تقول لي : يا بنتي أمال لما تطلعي فوق التلاتين هتعملي ايه ..
لا يهمني كم عشت .. ما يهمني هو مافعلت بما عشت يا أمي ..
..
إلا أنه تلك المرة و في آخر يوم أختم به أعوامي العشرين .. أجدني لدي رغبة شديدة بالسعادة ..
و الفرح ينطلق من داخلي قفزاً للخارج .. فقط لحب السعادة .. و ليس لبلوغي العشرين ..
و كما قال لي أبي عصراً : انتي لسه ماكملتهمش .. ده أنا افتكرتك مكملاهم من سنتين D:
..
فإذا حلَّت السعادة .. فعفواً , لا يمكنني منعها
فقط سأترك لابتهاجي هذا .. المتسع و المتسع .. و أخبركم بما .. أتذكر
..
أتذكر .. ما قبل السادسة .. اليمن السعيد , المناطق الصحراوية , التلفاز الأحمر و الأرجوحة المُعلقة
أتذكر .. أن أبي أخبرني .. بأني قبّلتُ الحجر الأسود في أول عامين لى ! ..
أتذكر بأن أبي سماني " إيمان" و قالت لي أمي بأنها ودت لو تسميني " سُمية " ..
أتذكر أيام الابتدائية الثورية المليئة بالجنون الطفولي يمكنكم معرفة البعض هـنـا
http://kant-hona.blogspot.
أتذكر الصراع على " التخته " الأولى ! ..
و ملابس المدرسة القصيرة و الشعر المُصفف و الشطائر التي ربما يصل عددها فوق الخمسة !
و " الكشري" الذي كنا نحضره نحن الخمسة صديقات بخمسين قرشاً .. كل واحد يدفع " بريزة" !..
و أتذكر أعمالي اليدوية و رسوماتي التي لا زال البعض منها عندي ..
و أتذكر أن كثيراً من هواياتي بدأت تندثر
و أتذكر حين وقفت على خشبة المسرح .. لأغني بإلحاح من مُدربي .. " أنا الفتاة المؤمنة" حينها كنت ارتدي حجاباً أبيضاً
و فستاناً لأمي قصصته ! .. - يا لعقول الصغار - .. و أتذكر بعدها حينما غنيت ..على نفس خشبة المسرح
بعدها بعام تقريباً .. " احنا زهور أرض الإسلام " و التي بكيت عند أدائها فأبكيت بعض الحضور ! ..
و أتذكر أيضاً " يا مؤمنين بالسلام" .. و أنا أقف " بالمريلة البيج " على طاولة " البينج بونج .. و أغني
و الآن أتذكر .. مشاهدتي لأشرطة الفيديو المسجلة لتلك الحفلات الغنائية ..
لأجدني أضحك و أضحك و أخجل مني .. يبدو أن البعض يخطئون تقدير المواهب في الصغر ! ..
أو ربما التقدم في السن يؤثر
يا إلهي لا أستطيع أن تخيل شكلي حينها هههههههههه :)
أتذكر أنني لا أتذكر شيئاً من مرحلة الإعدادية سوى بعض الصور .. لذلك سأتخطاها ! :)
أتذكر أيام الثانوية .. و هي من أجمل أيامي مع أجمل أصدقاء .. مشاداتي مع ناظر المدرسة ..
الإذاعة المدرسية التي كنت - على الأغلب أقوم على إعدادها - فما كنت لأستطيع أن أمسك مذياعاً بيدي ..
و حين فعلتها .. عند تحية العلم .. الله أكبر الله أكبر الله أكبر , تحية جمهورية مصر العربية الأولى و الثانية
و في الثالثة شرعت بالضحك في المذياع بكل بلاهة.. لتضحك المدرسة كلها ..
يضطرب صوتي ليشبه صوت الماعز ! و أتصبب عرقاُ و ترتعش يداي ..
"عشان كده فضلت الإعداد و سيبت المايكات" D:
أتذكر في الثانوية سطح المدرسة الذي كنت أرى من فوقه ثلاث نخلات وسط حدائق الأرز على بُعد
و أتخيل لو أني أجلس هناك في الجنة - في مكان مشابه لذاك - مع سيدنا عليّ .. و تغار السيدة فاطمة !
و كلما صعدت لسطح مدرستي أتخيل ذلك .. :)
أتذكر .. شجار الأصدقاء .. كرة اليد .. جرس الفسحة .. مُعلم و مُعلمة الأحياء ..
فصل الكيمياء و تجارب المواد الفاسدة .. و معلمة الكيمياء التي كانت تخشى أن تشعل عود الثقاب .. ههههههه :)
..
و أتذكر أيضاً , أنني عرفت حق المعرفة - في أيام الثانوية - ماذا يعني قول الرسول (ص) .. من غشنا فليس منّا ..
و ما معنى : " إنه لو هشيل المادة ما أغشش كلمة واحد ".. عرفت ذلك و أحسبني طبقت..
لذلك أسعدني أني .. حصلت دون " غش " و الحمد لله على 93.9% في الثانوية الأزهرية ..
فقد كانت هناك بعض الدروس - صدقـاً - كنت اقرأها لأول مرة في السيارة
عندما يوصلني أبي إلى لجنة الامتحان
و منها آخر كتاب الكيمياء العضوية و آخر كتاب الأحياء و بعض دروس الأدب و هناك نصوص لم أحفظها
D: !!!
أعلم أنه تقصير بالطبع و لا أنكر .. إلا أنها رحمة رب العالمين
لو عاملنا بذنوبنا لأطبق علينا السماء و الأرض..
..
و أتذكر أنه في ذات ليلة استيقظت من نومي في حالة كما السُكر ..
ذهبت للمطبخ و جدت إناءً زجاجياً به مادة حمراء .. و أخذت أشرب في قمة البلاهة .. كدت اتقيأ ..
لأعلم بأنها عبارة عن فرشاة ألوان مشبعة باللون الأحمر تركها اخوتي في إناء الماء D:
و أتذكر حينما أحضرت احدى صديقاتي لتناول الغداء عندنا .. و أردت أن أصنع لها " ملوخية ناشفة " ..
مهما أضع من الملوخية في الإناء على النار .. تظل خفيفة .. و أخيراً قررت أنا أضعها أمامها على حالها
لم تأكلها .. و أكلتها أنا ليتضح فيما بعد : إنه بردقوش ..!
أتذكر العام الماضي .. و يكفي أنني تذكرته دون ذكر تفاصيله ..
فقط على الأقل يمكنني إخباركم بأنه من أفضل أعوامي على الإطلاق .. و على يقين بأن مكسبي منه أكثر من خسارتي :)
..
و أتذكر أموراً تعلمتها ..
منها ..
*
أن الله لا يملّ حتى تملّوا , و أنه مهما كانت قدر ذنوبك فدع باباً مفتوحاً بينك و بين ربك..
*
أنني و لا مرة - و عن يقين أقولها - وثقت بربي و ظننت به شيئاً إلا و كما ظننت وجدت ..
و أنه هو الواحد الأحد الذي ما طلبته إلا حقاً وجدته .. و ما لجئت إليه و ردني خائبةً أبداً أبداً ..
فقط حينما تفعلون شيئاً فافعلوه عن صدق داخلي.. :)
*
أنه و كما يقول أبي لي دائماً .. المقدمات الخطأ تؤدي إلى نتائج خطأ .. أحاول تعلم ذلك
إذا تبقى حالة المشاكسة بيني و بين أبي على حالها :)
*
أنه عندما أغضب أمي .. أتذكر قوله تعالى ..
" و براً بوالدتي و لم يجعلني جباراً شقياً " ..
*
أنه - كما قلت سابقاً - يمكننا إيجاد جسر للعبور من بين القلب و العقل .. و أن من بينهما تنبع الموازنة
..
*
أن الشعوب هي من تصنع حريتها .. و أن الشعوب أفراد .. فابحثوا عن حريتكم و تشبثوا بها..
*
أن من يدخل مسئولية عليه أن يتحملها .. و إن كان يعلم أنه لن يقدر عليها .. فلا يدخلها ..
لأنه هو من سيُسأل عنها هو و فقط ..
- هناك الكثير .. لكن يكفي ذلك الآن :)
..
حسناً ..
و أتذكر ابن خالي مُعاذ - 18 عاماً - .. و حينما توفي بسرطان في المعدة في امتحانات منتصف هذا العام
و في نفس اليوم توفيت أخت صديقتي بمرض مشابه ..
كانت ليلة عصيبة .. أتخيل لو أنني أنا من كنت مكانه .. وارد جداً
يا إلهي .. هو الآن في قبره وحيداً .. لا يهتم البتة لأب أو أم أو أقارب .. لا يهتم لمن يبالون و من لا يبالون
جعل الله قبره روضة من رياض الجنة..
ما كنت أنتظر ابن خالي لأتذكر ذلك .. أعتبر أنه من أكبر ما أنعم الله به عليَّ ما آراه في أحلامي ..
بين كل فترة و فترة يرسل الله لي رسالةً في حلم .. رأيت أهوال القيامة .. و رأيت نار جهنم ..
و لا أراكم الله ما رأيت أبداً أبداً .. ذعر ليس بعده ذعر ..
يكفي أن تقف تُحاسب و أمامك النار يُلقَون فيها واحداً تلو الآخر .. و أنت تقول يارب أعدني ..
فتستيقظ لتجدك لازلت في هذه الدنيا على قيد الحياة ..
يا اللــــــــه .. إذا كان هذا حلم .. فكيف هي الآخرة
حقاً يارب كما أريتني نارك في دنيتي فحرمني عليها في آخرتك .. أحب الله أن رزقني رسائل كتلك :)
..
و أتذكر .. أنني أتمنى
أن يُسكنني الله الفردوس الأعلى أنا و كل من أحب :)
وأن يتم الله شفاء قلب معلمتي ..
و أن تحصل بعض صديقاتي دون ذكر اسمائهم على بعض الحلقات الدائرية :)
و أن أحصل على تقدير عالٍ هذا العام و أن أعمل لذلك
و أعيد حفظ القرآن جيداً
و أن أرى في حياتي مسرحاً هادفاً و أن أشارك في تأسيس أول قناة أفلام سينمائية بمرجعية إسلامية
و أن أرى أمي و أبي في أحسن حال .. و كذلك اخوتي
و أن تُباد دولة اسرائيل تلك .. و يعود الحق لأهله
و أن أرى مصر تسود العالم الإسلامي
و أن تحصل إسراء الطويل على المجموع الذي تريد :)
و أن تحقق ولاء رزق حلم الأكاديمية
و إن ياسمين عبد الله تدبس D:
و أن أقعد مع رنا عمر قعدة محترمة
و أن تجد مريم صديقتي سكناً لتتزوج أحمد.. :)
و أن أرى أختي مصممةً و فنانة عالمية
و أن يرزق الله أخي مجموع كبير و مُرضي بالثانوية هذا العام
و أن أحصل على سيارة عما قريب .. أكره المواصلات :(
- إنه يوم مولدي سأبتسم إذن .. مرة أخرى -
و أن أحصل على سيارة عما قريب .. أكره المواصلات :)
و أن أتعلم رياضةً عنيفة .. و أن أحصل على " جيتار " و أتعلم العزف عليه
و أن نغير طلاء منزلنا بلون غير هذا الأبيض الغبي !
و أنا نجد حلاً لتلك السلوك التي أكرهها .. سلوك تليفون , نت , تلفزيون , دش , الخ الخ
و أن ينتهي زحام القاهرة .. بنقل العاصمة أو توزيع مراكزها .. كما يقول أبي :)
و أنا أحصل على شراباً " بكلفه أبيض " أو .. فردة و فردة :)
و أن أستيقظ باكراً اليوم :)
و أن أقرر أغير و أجيب خط فودافون و لا أخليني اتصالات
D:
هناك الكثير .. أنا طماعة :)
بس كفاية عليكوا كده ^_^
..
و أتذكر .. أن أخبركم بأن تتذكروا بعضاً من ذلك .. :)
*
أن ما بداخلنا هو نعمة غالية من الله .. فحافظوا عليها .. رجاءً لا تملأوا ما بداخلكم بما يضركم
أسكنوا به الحب و الخير و الأمل و الإيمان .. و فرغوه من أي شئ سلبي ..
هو خُلق لما هو أسمى و أهم .. إن ملأتموه بغير ذلك فلن تضرون سواكم ..
ما بداخلنا لا يحتمل حَمل الكثير .. فوفِّـروا أمكِنة لكل ماهو جميل.. :)
*
ابحثوا عن ثغرات الأمة و املأوها .. و ابحثوا عن أبنية الإسلام التي هُدمت و أعيدوا بنائها
أمتنا قضيتنا .. عرفنا .. فلنلزم.. :)
*
أخيراً ..
أصنعوا السعادة ..
نعم يمكنكم ذلك .. و لستم بحاجة للبحث عنها
لأنه يمكنكم إيجادها داخلكم قبل أن تلحظونها من حولكم ..
ويكفي أن تكون الآلام خارجية .. اصنعوا سعادتكم الداخلية و ستطفو إلى الخارج وحدها
و إن حملتم هماً أو ألماً فحذارِ أن يكون لغير الله..
و ابتسموا .. لأجلكم و لأجل غيركم..
فالبعض يتطلع للسعادة .. و البعض يصنعها .. و من يصنعها لغيره .. تنبت بداخله..
..
~ أحِـبُّـوا حياتـكم ~
:)
...